إطار 3RF انطلق لدعم لبنان والإصلاحات شرطاً أساسياً
يحمل شهر ديسمبر بعض الخيوط الإيجابية لناحية إنقاذ لبنان من تداعيات انفجار بيروت في ظل الانهيار الكارثي. فبعد انعقاد مؤتمر باريس لدعم الشعب اللبناني في بداية الشهر، انطلقت اليوم الـمعادلة الثلاثية الذهبية للإصلاح والتعافي وإعادة إعمار بيروت ضمن إطار 3RF. ثلات كلمات كفيلة بانقاذ لبنان من تداعيات انفجار بيروت الحادة: Reform, Recovery, Reconstruction.
يختصر الإطار خطة الاستجابة للطوارىء لمساعدة لبنان وتأمين الاحتياجات العاجلة للسكان المتضررين من انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6500 وتدمير آلاف المنازل والممتلكات؛ وذلك خلال فترة تستمر 18 شهراً ضمن خطة عمل محددة التكلفة، مستندة على المشاورات المتعمقة مع الحكومة والمجتمع المدني والجهات المانحة. ويهدف 3RF إلى توفير نقطة مرجعية مشتركة وخطة عمل حول ما يجب القيام به عبر مختلف القطاعات. ويحدّد الإطار أيضًا ترتيبات لتنسيق وتنفيذ وتمويل التعافي، ويضع أولويات إعادة الإعمار رهناً بتقدم الإصلاح.
انطلاق الـ3RF خلال مؤتمر صحفي
بعد مرور أربعة أشهر على الانفجار المأساوي الذي هزّ مرفأ بيروت، أطلق الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي اليوم الجمعة، خلال مؤتمر صحافي افتراضي، خطة استجابة ترتكز على مبدأ “الإنسان أولاً” لمساعدة لبنان على تلبية الحاجات الطارئة للمتضررين ومواجهة التحديات المرتبطة بالحوكمة والتعافي وإعادة الإعمار.
ويركّز إطار 3RF على الاستجابة لانفجار الرابع من أغسطس والمجتمعات والشركات المتضررة في منطقة بيروت، ولا يهدف إلى الاستجابة للاحتياجات الإنمائية الأوسع للبلد.
إلى ذلك، يحدّد الإطار مجموعة من الإصلاحات لتسهيل أو تمكين التعافي وإعادة الإعمار و / أو مواجهة تحديات الحوكمة الرئيسية. وسيكون لمعظم هذه الإصلاحات تأثير وطني (مثل اعتماد قانون المشتريات)، وبالتالي هي ذات صلة بالبلد بعد استعادة بيروت وإعادة إعمارها.
في هذا السياق، لفتت نائبة المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان والمنسقة المقيمة ومنسقة الشؤون الإنسانية نجاة رشدي إلى أنّ “إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار موجّه في الأساس للشعب، وهو يتعلّق بتلبية احتياجاتهم الملحة، وحماية حقوقهم الأساسية، ومنحهم صوتاً ومكانةً في عملية صنع السياسات. لذلك اعتمد الإطار مقاربة تشاركية وشاملة تضمّنت جميع الجهات المعنية، بما فيها المجتمع المدني، من مرحلة التخطيط وصولاً إلى مرحلة التنفيذ. ولفتت إلى أنّ “الإطار يقدم رؤية لإعادة الإعمار بشكل أفضل، وهي خطة لمنع كارثة إنسانية واسعة النطاق”.
الـ 3RF يعمل ضمن مسارين
يعتمد 3RF التمييز بين نوعين من الأولويات والإجراءات ذات الصلة اللازمة من أجل:
المسار 1: دعم الأفراد والمجتمعات والشركات الأضعف والأكثر تضرراً من الانفجار (مسار التعافي الذي يركّز على الناس).
المسار 2: إعادة بناء الأصول والخدمات الحيوية (مسار الإصلاح وإعادة الإعمار ).
تجدر الإشارة إلى أنّ إدراج أولويات الإصلاح في المسار الثاني يقرّ بأنّ إعادة الإعمار (والدعم المالي المرتبط بها من مصادر مختلفة) لن يكون ممكناً أو مستداماً بدون إصلاح.
فيما أشارت معلومات أنّ المسارين غير متتابعين؛ لكن من الضروري أن يستمر العمل على الإصلاح بالتوازي مع الانتعاش الذي يهتم بالمواطنين؛ بل يشرّط الـ 3RF ألا تستمر عملية إعادة الإعمار في غياب الإصلاح .
شروط الدعم الدولي
إنّ احتياجات الاستثمار العاجلة المحددة في مسار التعافي الذي يركز على الناس (“المسار 1”) لا تستند على شروط مسبقة بما يتماشى مع استنتاجات المؤتمر لدعم الشعب اللبناني، الذي نظمته فرنسا والأمم المتحدة 2 كانون الأول (ديسمبر) 2020. فهذا الإطار يقرّ بالحاجة إلى دعم عاجل يتجاوز المساعدة الإنسانية لمعالجة تأثير الانفجار على الفئات الأكثر ضعفاً، فيما يركز المعنيون على أنّ هذا الدعم يجب أن يبدأ مبكرًا. ومع ذلك، فإنّ المسار الأول يصوغ مجموعة من الإجراءات السياسية الفورية التي من المتوقع أن تتخذها الحكومة اللبنانية لتسهيل وتمكين التعافي.
هذا، ويسلّط RF3 الضوء على أن دعم إعادة الإعمار، أي أولويات الاستثمار المحددة في المسار 2، يجب أن تكون مشروطة بإحراز تقدم مرض في الإصلاح. لهذا السبب يتضمن المسار الثاني مجموعة من الإصلاحات والتدابير المؤسسية؛ إذ يجب تحديد ما يشكل تقدمًا مرضيًا في الإصلاح، وأي إصلاحات يجب أن تكون بمثابة شروط مسبقة من خلال حوار السياسات بين المجتمع الدولي والحكومة بالتشاور الوثيق مع المجتمع المدني.
وفي هذا السياق، شدّد سفير الاتحاد الأوروبي في لبنان رالف طراف، أنّ “استعادة ثقة الشعب اللبناني في مؤسسات الدولة أساسية لإنجاح عملية التعافي وإعادة الإعمار. لذلك، يتعيّن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها وتعتمد بشكل ملح إصلاحات هيكلية موثوقة”. وأضاف، “لبنان بحاجة إلى نموذج حوكمة جديد يضمن توفير مؤسسات الدولة الاحتياجات الملحة للسكان ومواجهة الأزمات المتعددة التي تشهدها البلاد”.
فيما أكد المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي ساروج كومار جها على ضرورة “تقديم الدعم مباشرة للشعب والمؤسسات اللبنانية المتأثرة بالإنفجار، فهذا الأمر بالغ الأهمية. لذلك سوف يتم وضع آلية تمويل للبنان لتلقي الهبات من الجهات المانحة بهدف تنفيذ إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار”. وأضاف، “الإطار سيركّز على احتياجات التعافي الفورية للأسر الفقيرة والضعيفة، ودعم برامج تعافي الأعمال، وترويج طرق شاملة للعمل مع المجتمع المدني وإعداد الأرضية للإصلاح وإعادة الإعمار. وستعتمد آلية التمويل أنماط تنفيذ مرنة وغير حكومية، تستند على نظام قوي للرصد الإئتماني ورقابة مستقلة على كيفية استخدام الأموال”.
ما هي التكاليف المقدّرة في إطار 3RF ؟
يقدّر إطار 3RF الاحتياجات ذات الأولوية لمسار التعافي الذي يركز على المواطنين بمبلغ 584 مليون دولار أمريكي، منها 426 مليون دولار أميركي مطلوبة للسنة الأولى. وتُقدّر تكاليف مسار الإصلاح وإعادة الإعمار بملياري دولار أمريكي؛ فيما سيتطلب الضرر الواسع واحتياجات إعادة الإعمار الكبيرة تعبئة مزيج من الموارد العامة والخاصة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
المسار 1 بالدولار الأميركي: الانتعاش المتمركز حول الناس.
المسار 2 بالدولار الأمريكي: الإصلاحات وإعادة الإعمار.
ما هي العلاقة بين3RF وخارطة الطريق الفرنسية وسيدر؟
هناك تآزر قوي بين إجراءات السياسة والإصلاحات المحددة في خارطة الطريق السياسية الفرنسية و3RF. فإنّ العديد من إصلاحات 3RF هي جزء من أجندة إصلاح سيدر الموسّع. بالإضافة إلى ذلك، يسلّط الإطار الضوء على الإصلاحات الاجتماعية المهمة التي لم يتضمنها سيدر.
إلى ذلك، سيعمل الإطار على تعزيز إطار الإصلاح والاستثمار الذي أطلقه سيدر، لا سيما من خلال تحديد الإصلاحات المتسلسلة والمحددة والمستهدفة على مستوى القطاع ذي الصلة.
كيف سيتم تمويل 3RF ؟
سوف يعتمد التمويل على المصادر الحالية التي تم حشدها حتى الآن، بما في ذلك المساعدات الإنسانية، والمساعدات من قبل المانحين الثنائيين، وتمويل الشتات، والأشكال الجديدة للتمويل الجماعي. ويتصوّر إطار 3RF استراتيجية تمويل من مرحلتين للتعافي وإعادة الإعمار.
على المدى القصير، سيتماشى تمويل المنح الدولية لبدء الانتعاش ودعم الاحتياجات العاجلة مع التقدم في الإصلاحات الأساسية بالتوازي (المرحلة 1). بمجرد إحراز تقدم في الإصلاحات الرئيسية واستقرار الاقتصاد الكلي، يمكن للقروض الميّسرة والتمويل الخاص دعم إعادة الإعمار والمساعدة في إعادة لبنان إلى مساره نحو الاستقرار والنمو والتنمية المستدامة (المرحلة 2). علماً أنّه لدعم مسار التعافي والاستعداد لإعادة الإعمار، سيتم إنشاء صندوق تمويل للبنان.
لطيفة الحسنية